كُن إبنَ من شئتَ و اكتسب أدباً ... يُـغنيكَ محمودُهُ عن النّـسبِ
فليس يغني الحسيب نسبتُـهُ ... بلا لسانٍ لهُ و لا أدبِ
إنّ الفتى من يقول ها أنا ذا ... ليس الفتى من يقولُ كان أبي
حقيق بالتواضع من يموت ... و يكفي المرء من دنياه قوت
فما للمرء يصبح ذا هموم ... وحرصٌ ليس تُـدركُـهُ النُّـعوت
فيا هذا سترحل عن قريب ... إلى قومٍ كلامهم سكوت
حرّض بنيكَ على الآداب في الصِّغر ...
كيما تقرَّ بهم عيناك في الكبرِ
و إنّما مثل الآداب تجمعها ... في عنفوان الصّبا كالنّـقش في الحجرِ
هي الكنوز التي تنمو ذخائرها ... و لا يُـخافُ عليها حادثُ الغِـيَـرِ
النّـاسُ إثنان ذو علمٍ و مستمعٍ ... واعٍ و سائرُهُم كاللّـغوِ و العَـكَرِ
مضى أمسُـكَ الباقي شهيداً معدّلاً ... و أصبحتَ في يومٍ عليكَ شهيدُ
فإن كنتَ في الأمس اقترفتَ إساءةً ... فثنِّ بإحسان و أنتَ حميدُ
و لا ترجُ فعل الخير يوماً إلى غدٍ ... لعلَّ غداً يأتي و أنتَ فقيدُ
و يومكَ إن عاينتهُ عاد نفعهُ ... إليكَ و ماضي الأمسِ ليس يعودُ
إذا اشتملت على اليأس القلوبُ ... و ضاقَ بما بهِ الصّدرُ الرّحيبُ
و أوطنت المكارهُ و استقرّت ... وأرسَت في أماكنها الخُطوبُ
و لم تـرَ لانكشاف الضّرّ وجهاً ... و لا أغنى بحيلته الأريبُ
أتاكَ على قنوطٍ منك غوثُ ... يمنُّ به اللطيفُ المستجيبُ
و كلُّ الحادثاتِ إذا تناهت ... فمَوصُولٌ بها فرَجٌ قريبُ
إنّي أقولُ لنفسي و هيَ ضيّـقة ٌ... و قد أناخَ عليها الدّهرُ بالعجبِ
صبراً على شدّة الأيّـام إنّ لها ... عقبى و ما الصّبرُ إلاّ عند ذي الحسبِ
سيفتح الله عن قرب بنافعة ... فيها لمثلكَ راحاتٌ من التّـعبِ